القائمة الرئيسية

الصفحات

دورة حياة نفاية من أجل مشاريع بيئية لثروة مستدامة

دورة حياة نفاية

 من أجل  مشاريع بيئية  لثروة مستدامة 

دورة حياة نفاية
دورة حياة نفاية

           الأقتصاد التدويري

كم هو جميل أن نفكر في  المشاريع البيئية, و الاجمل منه التفكير في ثروة مستدامة أي ثروة غير قابلة للزوال, فهل حقا توجد مشاريع بيئية تحقق لنا ثروة مستدامة ؟؟؟ قد تعجبون من الجواب, أقول نعم ففي عالم البيئة كل شيء قابل للتثمين, حتى لو كانت عبارة عن نفايات ,فالنفايات هي مخلفات الانسان و بقاؤها مرتبط بوجوده, اذن فالنفايات لن تزول الا بزوال البشر, و هي أداة فعالة لقياس مدى تحضرهم و رقيهم, فطريقة تعاملهم و تسييرهم لها تمنحك الكثير من المؤشرات حول البلد أو المجتمع الذي تعايشه, فهي حقا مستدامة و مهمة,  فمن الممكن لهذه الاخيرة أن تصنع منك مقاولا أو رجل اعمال و حتي مليونيرا لو أصبحت صديقا لها, حيث أنه يطلق على مصطلح النفايات باللغة الفرنسية Ordure  و اذا ما قمنا بتفكيك المصطلح الى شقين سنتحصل على Or  بمعنى الذهب و Dure  بمعنى صلب أي أن مصطلح النفايات باللغة الفرنسية يعني الذهب الصلب باللغة العربية  , نعم و هي حقيقة يعكسها سوق النفايات في العالم عامة و في الجزائر خاصة, فما يبدو للعامة نفاية هو للمقاولين و الأشخاص المميزين أصحاب الافكار المبتكرة نقود و ثروة, لذلك وددت أن أسافر بكم في رحلة ممتعة تبدأ بنفاية و تنتهي بمنتوج مستدام صديق للبيئة.

        حيث دعتني عزيزتي  النفايات المنزلية لرحلة دورة حياة  بدأت ببعض فضلات المطبخ من بقايا الخضر و الفواكه, و بقايا الطعام,  مرورا بطريقة مميزة لصنع سماد منزلي, لتصبح رفيقتي النفاية المنزلية كيسا من السماد العضوي بعد رحلة دامت حوالى شهرين من الزمن, قالت أنها الان تشعر أنها أفضل حالا من ذي قبل, فقد تحسنت نفسيتها وأصبحت تشعر بالعطاء حيث أنها تقدم خدمة للأزهار في الحديقة, و للنباتات في المزرعة, أصبح لها دور ايجابي و بدأت تشعر بمكانها في المجتمع أكثر من ذي قبل كما أنها ساعدت الكثير من الشباب الطموح لبناء مشاريعهم الخاصة و الاسترزاق منها, نعم انها النفايات المنزلية, المادة الخام لصنع السماد العضوي, مشروع مضمون بدون رأس مال يذكر, قد يفتح امامك الكثير من الفرص, فبعض مراكز الردم التقني على مستوى الجزائر لا تحتوى على مراكز ووحدات للتسميد, التي اجد أن غيابها يقلل من مدة حياة مراكز الردم و أن وجودها يعد ضرورة لابد منها,  حيث أنه بإمكانك ايها المقاول المستقبلي التقرب من أحد ا هذه المراكز و عرض الخدمة عليها, أي انك انت من سيقوم بمهمة تحويل النفايات المنزلية الى سماد عضوي , وتسويق السماد العضوي لا يحتاج الى جهد اطلاقا فهو مطلوب في المزارع الكبيرة كما في الحدائق المنزلية, مشروع بدون رأس مال يذكر قد يجعل منك رجل أعمال ناجح فلا تتردد,

          بعد أن أصبحت صديقتي النفاية المنزلية سمادا عضويا و كانت سعيدة جدا في ثوبها الجديد, تركتها لسعادتها بعد أن اطمأننت عليها, و رحلت مع  نفاية أخري,

          رفيقي في هذه الرحلة هو النفايات البلاستيكية, أنه ثرثار جدا ولكنه مهذب و مسالم, حدثني بكل أسف و حزن عن الكثير من أصدقائه الذين تغيرت طباعهم حيث أصبحوا فتاكين بسبب غربتهم في قاع البحار و المحيطات, حيث أنهم يشكلون خطرا كبيرا على الحياة البحرية كما  انهم يقتلون سنويا الكثير من الأنواع البحرية, خطرهم فاق كل الحدود, و هم في تكاثر مخيف, و طلب منى المساعدة, و استدراجهم الى البر حتى نقوم بتدويرهم و نمنح لهم حياة أفضل و ادوم ,وعدته بذلك و انا غير متأكدة جدا من تحقيق ذلك, لكن قلت في أعماق نفسي سأحاول جاهدة تلبية طلبه ,فسألته عن رفقائه المتواجدين في البر, قال انهم سعيدون جدا بإعادة تدويرهم, و وأثوابهم الجديدة تعجبهم, و هم أكثر احساسا بذواتهم من ذي قبل ,و أكمل قائلا  أن مشروع تدوير البلاستيك الى اواني تستعمل لأغراض متعددة, أصبح مشروعا رائدا بامتياز, فالمادة الخام التي هي البلاستيك متوفرة بكثرة, كما أن الات التدوير يمكن شراؤها برأس مال محترم, و عائدات المشروع مضمونة, لان التسويق متاح, فهي قليلة الجودة مقارنة بالأخرى الجديدة لكن سعرها في متناول المواطن البسيط, و هذا النوع من المشاريع خلق الكثير من مناصب العمل و استثمر فيه الكثير من الشباب و ابدعوا في ذلك, رافقت صديقي نفاية  البلاستيك الى باب ألة التدوير اين كان متحمسا جدا لتدويره, فإعادة التدوير ستمنحه حياة أدوم و سيكون صديقا للبيئة و للغزالة بشرى أيضا, استقبلته في ثوبه الجديد و هو مبتهج, لقد أصبح لعبة أطفال رائعة, دلفين أزرق مميز يغري أي طفل بالاحتفاظ به, كانت امنيته أن يذهب الى قاع البحار لجلب اصدقائه و منعهم من تلويث المحيطات و الحياة البحرية, قال انه ممتن لطرق التدوير, و يحث الشباب عليها, حيث ما عليهم سوى عمل دراسة جدوي مفصلة حول مشاريع تدوير البلاستيك و البحث عن أكثرها ربحا, ثم البدء بالمشروع الذي منح لقب المليونير للعديد من الشباب الطموح , غادرت صديقي نفاية البلاستيك الذي أصبح لعبة مستدامة حاملة معي انشغالاته للجهات الوصية, لأقابل خلال مشواري نفاية الزجاج و هي تهرول نحوي بسرعة لتدعوني لارتشف فنجان قهوة رفقتها.

          قبلت دعوة صديقتي نفاية الزجاج, وارتشفت معها القهوة في فنجان زجاجي جميل المظهر, قالت فيما بعد أنه منتج مستدام و هو ثوب جديد نتيجة تدوير صديقة لها,  قالت ان جودته تضاهي جودة المنتجات الغير معاد تشكيلها و الجديدة, ثم اقترحت لأن تأخذني معها في رحلة تدويرها الى قارورة راقية ,فسألتها لما تريد أن تصبح قارورة بدل فنجان أو صحن, فأجابت أن القارورة  سهلة و سريعة التسويق, و هي متلهفة لحياة جديدة مع عائلة مختلفة, ودعتني قبل أن تسحق و تنصهر ليعاد تشكيلها في شكل قارورة زجاجية بكامل جودتها ,قالت انها ستسحق مع صديقاتها اللواتي يملكن نفس اللون فكل لون زجاج يسحق و يصهر لوحده حتى يحافظ على لونه, أضافت متعبة أن العملية حقا ليست سهلة كما نظن و لكنها تحتاج المغامرة , فالبداية هي عملية الفرز, حيث يفصل الزجاج حسب اللون, كما أن المشروع يحتاج الى رأس مال لكنه مربح كون الزجاج سيحتفظ بجودته لينافس المنتجات الجديدة و سيكون سعره أقل ما سيسهل كثيرا تسويقه, انه مشروع مربح و طلبت مني أن أنصح به كل الطموحين فهو يحمي البيئة و يحافظ على الثروة الخام من الزوال, أخذت جرعة ماء بارد من القارورة المستدامة, كان مذاقها مفرحا بقدر سعادة صديقتي نفاية الزجاج بعد تدويرها,

            غادرتها لأكمل مشواري وانا أفكر في ارادة و بطولة أصدقائي, فكل نفاية كانت لها حكاية و قصة كفاح من أجل حياة أفضل و أجود, وكل نفاية تحملت الصعاب و التدوير و السحق و الانصهار من اجل ميلاد منتج جديد مستدام يحافظ على البيئة ويخدم البشر, اولا يجدر بنا نحن البشر أن نفكر بمنطق النفايات, و نناضل من اجل حياة افضل, من أجل ازدهار بيئتنا و تطور مشاريعنا, الا يجدر بنا أن نتصرف كشعوب راقية ونتبنى مبدأ الاقتصاد التدويري الذي يبدأ من الفرد البسيط وصولا الى السلطة الوصية,  ألا يجدر بنا ان نصنع حاضرنا و مشاريعنا وثروتنا المستدامة و نبدأ رحلة التدوير لنصل الى مرحلة صفر نفايات, فالتدوير بحد ذاته اقتصاد مربح و نظيف, فلما لا نرفع التحدي و ندور الملايين لا بل الملايير من الثروة المستدامة التي من الممكن أن تدمرنا ان لم نجد التعامل السليم معها.



بقلم الغزالة بشرى صديقة البيئة


 

   


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الغزالة بشرى صديقة البيئة مدونة بيئية بامتياز, تعمل على نشر الوعي و التحسيس لثقافة البيئية

Commentaires

التنقل السريع