نفايات البلاستيك, اما تدوير أو تدمير
نفايات البلاسنيك اما تدمير أو تدوير |
نفايات البلاستيك أو التلوث
البلاستيكي كلها مصطلحات أصبحت تثير الكثير من الرعب و الخوف في قلوب الكثير من
العلماء و حماة البيئة, ما جعلهم يتسارعون الى دق ناقوس الخطر, فالكثير من
الدراسات و المبادرات, أطلقت من أجل الحد من التسونامي البلاستيكي الذي غزى الكوكب
دون سابق انذار, حيث كشفت دراسة حديثة أن البشر صنعوا ما يكفي من البلاستيك منذ
الحرب العالمية الثانية لتغطية الكرة الأرضية بكاملها ,أصبحت نفايات البلاستيك تهدد
النظام البيئي في جل دول العالم كونه عنصر لا يتحلل بسهولة في الطبيعة كما أنه
يخضع لمبدأ التحلل الضوئي دون التحلل البيولوجي, أحتل اليابسة و البحار و الأنهار,
حيث فاقت الخسائر التي خلفها كل التوقعات, ليصبح قضية العصر و التحدي الحقيقي الذي
يواجه البشرية في القرن الواحد و العشرين, فما هو البلاستيك اذن؟ لماذا هناك حالة
استنفار قصوى في العالم من أجل الحد منه و من مخلفاته؟ هل هو حقا خطر حقيقي
للنظامي البيئي العالمي؟
البلاستيك هو مجموعة من المواد العضوية الاصطناعية
او الطبيعية التي يمكن تشكيلها حيث انها تتميز بالليونة لتصبح بعد التبريد صلبة, تستخدم هذه المادة بدلا
عن المواد الأخرى كالزجاج والخشب و المعادن في البناء و الديكور و لصنع العديد من
المواد كالطلاء و النسيج, تم ابتكار مادة البلاستيك لأول مرة من طرف ألكسندر باركس حيث عرضها علنا في المعرض الدولي
الكبير سنة 1862 في لندن, حيث كانت هذه المادة مسماة أنذاك "باركيرين"
وهي مادة عضوية مشتقة من السيللوز و التي كانت بمجرد تسخينها يمكن تشكيلها و الاحتفاظ بأشكالها
بعد التبريد.
و وفقا للإدارة الوطنية لعلوم المحيطات و
الغلاف الجوي فان الحطام البلاستيكي يقتل ما يقدر بنحو 100 ألف من الثديات البحرية
سنويا بالإضافة الى ملايين الطيور و الاسماك, و حسب منظمة السلام الأخضر أن ما لا يقل
عن 267 نوعا من الحيوانات المختلفة قد عانت من ابتلاع الحطام البلاستيكي حيث اثبتت
الصور الملتقطة جثث ألاف من الطيور المتحللة و التي بقيت منها سوى المعدة التي
تحوي على بقايا البلاستيك التي اقتاتت عليها الطيور لشبهها الكبير بغذائها, انها
حقا تراجيديا يعيشها النظام الايكولوجي على يد مدمر لا يرحم يدعي نفايات البلاستيك,
فكون البلاستيك مادة غير قابلة للتحلل
البيولوجي, يجعل منه معمرا لعدة قرون, فرغم انه يتحلل بتأثيرات الأشعة فوق
البنفسجية او ما يسمى بالتحلل الضوئي الى بقايا أصغر و أصغر تسمى اذا كانت عائمة
في البحار ب"دموع حوريات البحر" ,الا انه يبقى "بوليميرا"
صغيرا محافظا على جميع خصائصه حيث لا يمكن امتصاصه او تغيير طبيعته بواسطة
العمليات الطبيعية, اذن فسيكون الامر اكثر
سوءا حيث أنه سيصبح مجهريا و يتمكن من اختراق انسجة معظم الكائنات الحية و الدخول
الى السلسلة الغذائية بشكل صامت و حتمي, هذا ما اكده الاكتشاف الاخير لعلماء من
جامعة كوينزيلاند, حيث وجدوا كمية كبيرة من قطع البلاستيك المجهرية في الحيوانات
البحرية مثل الجمبري و المحار و سرطان
البحر و الكميات الأكبر كانت في سمك السردين, حيث أكدت رئيسة فريق البحث أنهم
اكتشفوا جسيمات دقيقة للبوليمير الصناعي "بولي فينيل كلورايد" الواسع الاستخدام في جميع العينات التي
اختبروها,
حتى المناخ لم يسلم من غزو البلاستيك
حيث نشر تقرير جديد عام 2019 حول "البلاستيك و المناخ" أن انتاج و احراق
البلاستيك سيساهم بظاهرة الغازات الدفينة عبر اطلاق 850 مليون طن من ثاني أكسيد
الكربون في الجو, و بهذا المعدل ستزداد الانبعاثات السنوية من هذه المصادر لتصل
الى 1,34 مليار طن بحلول عام 2030, و بحلول عام 2050 سيطلق البلاستيك 56 مليار طن
من انبعاثات الغازات الدفينة أي ما يقدر ب 14 بالمائة من ميزانية الكربون المتبقية
على الأرض, و أشارت الدراسة الى أنه بحلول عام 2100 نصف ميزانية الكربون المتبقية
على سطح الأرض سيتم اطلاقها أي حوالي 260 مليار طن من هذه الانبعاثات الناتجة عن
تصنيع و نقل و حرق البلاستيك, أرقام تثير الرعب و تستوجب أطلاق حالة الاستنفار
القصوى من أجل انقاذ الكوكب من النفايات البلاستيكية,
رغم كل هذه الجهود التي تبذل في
العالم الا أن الخطر لازال قائم و النفايات البلاستيكية لازالت تهدد حياة الملايين
من الكائنات البحرية و حتى الانسان, فقد أفادت دراسات حديثة نشرت في يوليو 2020 أن
كمية النفايات البلاستيكية التي تغزو المحيطات و تقتل الحياة البحرية قد تتضاعف
لثلاثة أضعاف خلال العشرين سنة القادمة ,و ما لم تتخذ اجراءات صارمة و حلول ناجعة
فان كمية البلاستيك التي تغزو البحر كل عام سترتفع من 11 مليون طن الى 29 مليون
طن, ليتراكم 600 مليون طن في المحيط بحلول عام 2040 و هو ما يعادل وزن ثلاثة
ملايين حوت أزرق, فاذا لم تتبنى الحكومات و الشركات استراتيجيات مدروسة من أجل
التقليل و خفض انتاج البلاستيك و دعم البدائل الصديقة للبيئة, فان القرن الواحد والعشرين سيشهد اكبر غزو
تاريخي و دمار حقيقي للأنظمة الايكولوجية, قد لا تغفره لنا الاجيال القادمة.
Commentaires
Enregistrer un commentaire