القائمة الرئيسية

الصفحات

حرائق الغابات 2021، أكبر كارثة بيئية عرفتها جبال الأوراس بالجزائر

حرائق الغابات 2021، أكبر كارثة بيئية عرفتها جبال الأوراس بالجزائر

مقدمة

مساء يوم الأحد الموافق للرابع (04) من شهر جويلية من سنة 2021، و قبيل يوم واحد من الاحتفال بالذكرى التاسعة و الخمسين (59) لاستقلال الجزائر، اهتزت جبال الأوراس الشامخ الواقعة بولاية خنشلة بالجزائر على وقع أكبر كارثة بيئية عرفتها المنطقة، كارثة سلبتها حلتها الخضراء التي نسجها لها ألاف الشباب منذ أكثر من عقد إبان خدمتهم العسكرية في بناء "السد الأخضر" على مدار عامين من الزمن من أجل حماية الجزائر من التصحر، لتبسها رداءا أسود حزين،  جبال الأوراس التي تغنى بها الشاعر الفلسطيني محمود درويش قائلا "جبال الأوراس في بلادي كل ما فيها كبير الكبرياء...... شمس إفريقيا على أوراسها قرص إباء........و على زيتونها مشنقة للدخلاء"، جبال الأوراس التي تحتفظ بالكثير من ذكريات المجاهدين و الشهداء الأبطال، فكل شبر فيها هو مفخرة للوطن، و للبيئة أيضا، حيث تعتبر غابات جبال الاوراس بولاية خنشلة بالجزائر من أكبر الغابات في شمال إفريقيا، غابات تتضمن محميات وطنية بها أنواع نباتية نادرة مثل شجرة "الأرز الأطلسي" و التي تعد الوحيدة في القارة السمراء، كما تحتوى على أنواع حيوانية  نادرة "كاللقلق الوردي" الذي سجل أخر ظهور له بهذه الغابات،  

احتراق غابات خنشلة
احتراق غابات خنشلة




حرائق غابات منطقة عين ميمون بلدية طامزة  بولاية خنشلة بالجزائر:

بدأت المأساة و بدأ احتراق رئة الجزائر بنشوب حريق مهول على مستوى غابة "بير وصفان" بمنطقة "عين ميمون"  بلدية "طامزة" بجبال الأوراس بولاية خنشلة بالجزائر، حيث دق المجتمع المدني ناقوس الخطر مع بداية الحريق مباشرة  عن طريق إشعال مواقع التواصل الاجتماعي "الفاسبوك"، "التويتر"، "الانستغرام" ......الخ، بنداءات و هاشتاغات تروي و توثق هول الكارثة بالصوت و الصورة، كانت أبرز الهاشتاقات التي لاقت تجاوبا وطنيا و عربيا هاشتاق "  ≠أنقذوا غابات خنشلة"، "≠غابات خنشلة تستغيث"، "≠رئة الجزائر-الأوراس- تحترق"، كما نشرت الكثير من الصور من قلب الحدث، صور قاسية و مرعبة، عكست هول الكارثة البيئية التي حلت بمنطقة "عين ميمون"، حيث دمرت الحرائق النظام البيئي ألغابي، و نفقت الكثير من الأنواع الحيوانية حرقا واختناقا، حيث ستبقى صورة الأرنب المتفحم، و السلحفاة الصامدة وسط الحرائق، و الحصان الهارب محفورة في ذاكرة الأوراسيين خاصة و الشعب عامة، تعالت النداءات لإنقاذ المنطقة، فهب الشباب من كل صوب و حدب لتلبية النداء، حيث رسم الاوراسيون ملحمة من التضامن جنبا إلى جنب رفقة أعوان الحماية المدنية الجزائرية،  كما تضامنت الولايات المجاورة لولاية خنشلة فأرسلت الصهاريج و الشاحنات و طائرات الهيلكوبتر، لكن رغم ذلك أبت الحرائق إلا أن تكمل مسيرتها، فبعد ساعات معدودة من اندلاع الحريق تحولت غابات "عين ميمون" إلى رماد، و شهد سكان المنطقة ليلة بيضاء بفعل ألسنة اللهب التي أكملت مسيرتها باتجاه أشجار التفاح بمنطقة "بوحمامة"،

غابات عين ميمون ببلدية طامزة تحترق
غابات عيت ميمون ببلدية طامزة تحترق
اندثار الثروة الحيوانية
احتراق الأرنب أثناء فراره من النيران



على مدار ثلاثة أيام متواصلة من أجل إخماد حريق غابات منطقة عين ميمون، عانت وحدات الحماية المدنية الجزائرية الويل لإخماد الحرائق الكبرى، كما خارت قوى الشباب المتطوع الذي كان يكافح بأبسط الوسائل اليدوية التي غالبا أحضروها معهم أو قدمت لهم كمساعدة و هي  "البالا" ، "الفأس" و بعض المياه، إلا أن ألسنة النيران انتشرت بسرعة رهيبة متجهة نحو منطقة بوحمامة و جبل شيليا جنوبا و غابات حمام الصالحين شمالا، ليأتي المدد من السماء على شكل غيث كان بردا و سلاما على الأوراسيين، و بين المعجزة الإلهية و النظرية العلمية لهطول الأمطار، كانت فرحة الأهالي و الشباب لا توصف حيث تعالت الهتافات و الابتهالات و التكبيرات، قطرات غيث مكنت هؤلاء المجاهدين من أجل حماية الوطن و البيئة من أخذ نفس و جرعة أمل  تمنحهم طاقة ايجابية لإكمال المهمة، على مدار ثلاثة أيام من الحرائق بجبال منطقة "عين ميمون"، تم التحكم و السيطرة على الوضع، إلا أن الحرائق واصلت مسيرها بعد أن التهمت الأخضر و اليابس، و قضت على الثروة النباتية و الحيوانية في المنطقة،

نزول الغيث بخنشلة لوقف الحريق
نزول الغيث بخنشلة لوقف الحريق


حرائق غابات منطقة شيليا بلدية شيليا بولاية خنشلة بالجزائر:

في اليوم الرابع على التوالي الموافق للسابع (07) من شهر جويلية 2021، شقت الحرائق طريقها لتصل إلى غابات منطقة شيليا التي تعد من أجمل بلديات ولاية خنشلة بالجزائر والتي تشتهر بجمال جبالها وشموخ أشجار الأرز الأطلسي بها، حيث تدخلت وحدات الجيش الوطني الشعبي بالناحية العسكرية الخامسة بخنشلة، عبر تسخير جرافات و آليات من أجل شق مسالك في المناطق الغابية الوعرة لوقف زحف النيران و تمكين آليات الإطفاء من الوصول إلى الغابات المشتعلة،

كان اليوم الخامس على التوالي لاندلاع حرائق غابات الأوراس و الموافق للثامن (08) من شهر جويلية 2021 يوما مصيريا على غابات شيليا، بعون الله و فضله لم تصل النيران إلى الأرز الأطلسي غير أن غابة الصنوبر الحلبي أصبحت رمادا،

محميات الأرز الأطلسي شيلية
غابات الأرز الأطلسي


إخماد كل الحرائق يوم الجمعة الموافق للتاسع (09) من شهر جويلية 2021:

تم إخماد كل الحرائق بعد ستتة أيام متتالية من اندلاع الحريق، حيث تم اخماد أخر حريق ببلدية شيليا ،في بلد بحجم قارة، تتم إبادة ألاف الهكتارات من الثروة الغابية بحجم دولة قطر في بضعة أيام يعتبر أمرا صعبا استساغته، فرغم توفر الجزائر على ترسانة لا يستهان بها من القوانين و المراسيم التنفيذية، و رغم تصنيف حرائق الغابات كأخطار كبرى و هذا بموجب المادة 10 من القانون رقم 04-20 المؤرخ في 25 ديسمبر 2004 ،المتعلق بالوقاية من الأخطار الكبرى و تسيير الكوارث في إطار التنمية المستدامة، و رغم تخصيص فرع كامل وهو الفرع الرابع في ذات القانون للحديث عن الأحكام الخاصة بالوقاية من حرائق الغابات، ورغم توفر مراسيم تنفيذية تحدد كيفية إعداد مخططات النجدة و تسييرها، إلا أن التدخل كان بطيئا جدا ما أدي إلى إحصاء خسائر جسيمة في حق البيئة و الوطن،     

اخماد حرائق غابات خنشلة يوم 09 جويلية 2021
اخماد حرائق خنشلة يوم الجمعة 09 جويلية 2021


إحصاء خسائر حرائق الغابات بولاية خنشلة بالجزائر:

بغض النظر عن أسباب اندلاع حرائق غابات ولاية خنشلة هل هي مفتعلة بفعل فاعل، أيادي خارجية أو داخلية، بسبب مافيا الفحم أو لأسباب طبيعية أو مخطط لها إلا أن الخسائر جسيمة جدا على البيئة و  الوطن، فإضافة إلي انهيار النظام الايكولوجي الغابي في المنطقة و اندثار أنواع نادرة من الثروة النباتية و الحيوانية، فقد تم إحصاء التهام أكثر من 1500 هكتار من الغطاء الغابي، كما قد أتت هذه الحرائق على أكثر من عشرين (20) بستان من أشجار التفاح و الزيتون كمرحلة أولى والإحصاء  مستمر،

انهيار النظام الايكولوجي
انهيار النظام الايكولوجي 


 الخاتمة:

رغم تكاثف الجهود و التضامن الكبير من طرف مختلف شرائح المجتمع المدني، و تسخير كل الإمكانيات من طرف الدولة و السلطات لأجل القضاء على الحرائق، رغم التدخل باليات و عتاد ثقيل من طرف أعوان الحماية المدنية وأعوان محافظة الغابات ووحدات الجيش الوطني ، إلا أن الميدالية الذهبية كانت من نصيب الشباب الاوراسي خاصة و الجزائرى عامة، الذي أثبت أنه جدير بنسل بن بولعيد و كل الشهداء الابرار والابطال، فرغم قساوة الطبيعة و ارتفاع درجات الحرارة إلا أنهم أبوا الا أن يلبوا نداء الأوراس و الوطن و حموا قلاعهم إلى أخر قطرة عرق، إليهم و إلى كل من ساهم و لو بالقليل, أنا الغزالة بشرى صديقة البيئة أحييكم بتحية بيئية حارة، أحيي فيكم روح التضامن و الصمود، أحيي فيكم جينات الشهداء الأبطال التي توارثتموها عبر الأجيال، بأمثالكم فقط يمكن أن نطبطب على جراح البيئة و الوطن.   


الشباب ساهم في اخماد حرائق الغابات
الشباب ساهم بقوة في اخماد حرائق الغابات




بقلم الغزالة بشرى صديقة البيئة

أنت الان في اول موضوع
هل اعجبك الموضوع :
author-img
الغزالة بشرى صديقة البيئة مدونة بيئية بامتياز, تعمل على نشر الوعي و التحسيس لثقافة البيئية

Commentaires

التنقل السريع