مفهوم البيئة والنظام البيئي

المبحث الأول:مفهوم البيئة والنظام البيئي                                                     

المطلب الأول: مفهوم البيئة وعناصرها

الفرع الأول : مفهوم البيئة                                                                          

    أجمعت العديد من المصادر أن البيئة بمعناها اللغوي الواسع تعني الموضوع الذي يرجع إليه الإنسان،يتخذ فيه منزله وعيشه ولا يختلف المعنى اللغوي للبيئة عن المعنى الاصطلاحي لها بالتفاصيل المتعلقة بمكونات البيئة وعناصرها لذلك شمل بحثنا المفهوم اللغوي والاصطلاحي للبيئة كي نستطيع الربط بين المفهومين إضافة إلى المفهوم القانوني للبيئة .            

أ/  التعريف اللغوي للبيئة:

     البيئة كلمة مشتقة من الفعل بوأ أي حل ونزل وأقام، والاسم من هذا الفعل هو البيئة فدرج علماء اللغة العربية على استعمال ألفاظ البيئة والباءة والمنزل كمرادفات وقال "ابن منظور" في معجمه الشهير لسان العرب: باء إلى الشيء يبوء بوءا أي رجع،وتبوأ: أي نزل وأقام، نقول تبوأ فلانا بيتا،أي اتخذ منزلا وذلك إلى أسهل ما يراه وأثره استواء وأفضله لمبيته فاتخذه منزلا([1]).                          

    ويلاحظ المتدبر في القرآن الكريم وجود الكثير من الآيات القرآنية التي جاءت بهذا المعنى اللغوي للبيئة ومنها قوله تعالى : ﴿وكذلك مكنّا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء(. وتفسير ذلك : أي وهكذا مكنا ليوسف في أرض يتخذ منها منزلا حيث يشاء ([2]).

    وقد ذكر في المنظور لكلمة تبوأ معنيين قريبين من بعضهما : الأول بمعنى إصلاح المكان و تهيئته للمبنى  فيه قيل (تبوأه): أصلحه وهيأه وجعله ملائم لمبيته ثم اتخذه محلا له . و الثاني: بمعنى النزول و الإقامة كان تقول ( تبوء المكان ) أي حل به و نزل فيه و أقام به([3])

    و يعرف معجم اللغة الفرنسية "Le Petit Robert"  البيئة بأنها مجموعة الظروف الطبيعية " عضوية ، كيميائية ، إحيائية " والثقافية والاجتماعية القادرة على التأثير على الكائنات الحية والأنشطة الإنسانية([4]).

    أما في اللغة الانجليزية فان البيئة تستخدم بلفظ « Envirenement ». للدلالة على الظروف المحيطة  المؤثرة على النمو ، ويتطابق هذا التعريف مع التعريف الفرنسي لكلمة « Envirenement ».([5])

ب/ البيئة اصطلاحا:

     على الرغم من أن لفظ البيئة أصبح من الألفاظ شائعة الاستعمال في الوقت الحاضر،إلا أنه من الصعب وضع تعريف محدد لها، ويرجع ذلك إلى تباين مدلولها تبعا لنمط العلاقة التي تربط الإنسان بهذا الاصطلاح.

     حيث تباين الباحثون والمختصون فيما بينهم في وضع تعريف محدد لاصطلاح البيئة يتفق عليه الجميع فتعددت التعاريف فهي المحيط المادي الذي يعيش فيه الإنسان بما يشمل من ماء وهواء وفضاء وتربة وكائنات حية ومنشات شيدها لإشباع حاجياته.([6])

ويمكن القول أيضا أن البيئة هي المحيط أو الوسط الذي يعيش فيه الإنسان وجميع الكائنات الحية، وتعنى بنواحي الحياة كافة.([7])

    ويعرف المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة بأنها الوسط الطبيعي الذي يعيش فيه الإنسان و الكائنات الحية الأخرى و يمارس فيه نشاطاته المختلفة الإنتاجية و الاجتماعية([8]).

و من خلال هذه التعريفات يتضح لنا أن البيئة تتكون من عنصرين أساسين ، عنصر طبيعي يتمثل في العناصر الطبيعية التي لا دخل للإنسان فيها ، بل كانت قبل وجوده و يشمل هذا العنصر الماء الهواء و التربة و الباتات و المحيطات ، الثروات الطبيعية المتجددة و الغير المتجددة وغيرها، أما العنصر الثاني فيتمثل في العنصر الصناعي أو المستحدث و يشمل:

العوامل الاجتماعية ، حيث تبرز مجموعة النظم الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية الثقافية و الإدارية التي وضعها الإنسان لينظم بها حياته و يدير من خلالها نشاطاته وعلاقته الاجتماعية لمواجهة العناصر التي يكون منها الوسط الطبيعي، و يدخل ضمن العنصر الثاني الأدوات و الوسائل التي ابتكرها الإنسان للسيطرة على الطبيعة([9]).

---

([1])  أحمد لكحل، مفهوم البيئة في التشريعات الجزائرية، جامعة محمد خيضر بسكرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، مجلة الفكر، العدد السابع، ص 228.

([2])سورة يوسف، الآية 56.

([3])  أحمد لكحل، المرجع نفسه، ص228.

([4])Voir : Le Petit Robert1 paris 1991, p 664

([5]) عبد المنعم بن أحمد،الوسائل القانونية الإدارية لحماية البيئة في الجزائر، رسالة دكتوراه في القانون العام،كلية الحقوق بن عكنون،2008/2009، ص9.

([6])ماجد راغب الحلو، قانون حماية البيئة في ضوء الشريعة، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2002، ص31.

([7]) فتحي دردار،البيئة في مواجهة التلوث،دار الأمل،الإسكندرية،2002، ص31.

([8]) .فتحي دردار،المرجع نفسه، نفس الصفحة

([9])المرجع نفسه، ص 224.